"مجلس حقوق الإنسان" يناقش الآثار السلبية لإهدار حق الدول في التنمية

في إطار انعقاد الدورة الـ54 بجنيف

"مجلس حقوق الإنسان" يناقش الآثار السلبية لإهدار حق الدول في التنمية
مجلس حقوق الإنسان في جنيف

ناقش المجلس الدولي لحقوق الإنسان، تقريرا بشأن مختلف الآثار السلبية المترتبة على إهدار حق الدول في اختيار مساراتها الخاص في التنمية.

جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال شهري سبتمبر وأكتوبر 2023 للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

وسلطت وفود الدول الضوء على الأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية، وتأييدها وضع صك ملزم قانوناً بشأن الحق في التنمية، وذلك لعدم تعطيل مسارات الدول في تحقيق أهداف التنمية.

وأشارت بعض وفود الدول إلى التدابير القسرية الانفرادية باعتبارها عقبات تخلق تمييزاً منهجياً قائماً على الجنسية أمام الأشخاص الذين يعيشون في البلدان المستهدفة.

وتعد آلية الخبراء دراسة عن دور الحق في التنمية في حماية حقوق النساء والفتيات، لا سيما في ظل الأزمات الحالية المتعلقة بالمناخ والجغرافيا السياسية والاقتصاد والصحة، والتي تعمق الفقر وعدم المساواة في البلدان النامية.

ودعا البعض إلى الاعتراف بالحق في التنمية بوصفه حقا غير قابل للتصرف له أبعاد فردية وجماعية، فيما دعا آخرون إلى ضرورة إلغاء التدابير القسرية الانفرادية.

التنمية وحقوق الإنسان

وبحسب خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وما بعدها، فإنه ينبغي ألا ينظر إلى الحق في التنمية على أنه مسألة تخص البلدان النامية وحدها، وينبغي ألا يسترشد التعاون الدولي بقيمة الإيثار بل يواجب تنفيذ الالتزامات.

وذكر مقرر الفريق العامل المعني بالحق في التنمية، أنه على الرغم من أن عدة دول تؤيد صكا ملزماً قانوناً بشأن الحق في التنمية، فإن مجموعة من الدول لا تؤيده، وينبغي بذل كل جهد ممكن أثناء عملية الصياغة لضمان الشفافية والمشاركة.

وقال إنه سيعد ويقدم صيغة منقحة ثانية لمشروع الاتفاقية على أن يعقبها تقديم النص النهائي إلى مجلس حقوق الإنسان للنظر فيه واتخاذ إجراء بشأنه، محذرا من انخراط الفريق العامل في عملية تفاوض "لا نهاية لها".

ودخل أعضاء آلية الخبراء في حوارات مع أعضاء آلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية من أجل التعلم، وتبادل الممارسات الجيدة، ومناقشة أوجه الترابط بين إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية وإعلان الحق في التنمية، كما أجريت أيضاً حوارات مع ممثلي المجتمع المدني وأقل البلدان نموا.

وتركزت الحوارات على نهج الحق في التنمية إزاء المواضيع ذات الصلة، والتي يأتي أبرزها إقامة حوار بين الدول والشعوب الأصلية بشأن تنفيذ إعلان حقوق الشعوب الأصلية.

وناقش أعضاء آلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية مختلف أنشطتهم وتقاريرهم ودراساتهم والسبل التي تطرقوا بها إلى الحق في التنمية والحق في تقرير المصير الاقتصادي، بما في ذلك من خلال السيطرة على الموارد الطبيعية.

وقد بلورت دراساتها السابقة الحق في تطوير طريقة حياة معينة وأنشطة اقتصادية تقليدية مرتبطة بالأرض باعتبارها أساسية لضمان بقاء الهوية الثقافية للشعوب الأصلية واستمرار تطورها.

الشعوب الأصلية

وشدد أعضاء آلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية على الدور الأساسي للحق في التنمية في إعمال حقوق أخرى، مثل تقرير المصير، وشاطروا الآخرين قلقهم إزاء عدم وجود إشارات محددة إلى الشعوب الأصلية في إعلان الحق في التنمية.

كما تطرقت الحوارات إلى الحق في تقرير المصير خارج نطاق الولاية القضائية المحلية بموجب القانون الدولي، وأعرب المشاركون عن أسفهم لكون الحق في التنمية لم يستخدم في التعبئة بقدر حقوق الشعوب الأصلية. 

وناقش أعضاء آلية الخبراء وممثلو المجتمع المدني سبل تعزيز الحق في التنمية وحمايته وتفعيله، وتحديد الممارسات الجيدة والعقبات، إلى جانب أهمية التضامن والمساءلة والمشاركة الفاعلة والحرة والمجدية من أجل التنمية الاجتماعية التدريجية.

وأشار المشاركون إلى أهمية منظمات المجتمع المدني في استخدام الحق في التنمية في التعبئة، وما يتطلب لتحقيق ذلك من التزويد بالأدوات اللازمة لتمكينه من استخدام لغة ومفاهيم الحق في التنمية في عملها، بما في ذلك ما يتعلق بالقضايا الكثيرة الموجودة على الساحة الدولية.

وأشار البعض إلى أن العقبة الرئيسية أمام المشاركة المجتمعية في صنع القرار هو تقلص الحيز المدني، وزيادة التضييق خلال فترة انتشار جائحة كورونا والكساد العالمي وتزايد أوجه عدم المساواة، ومن المهم إعادة تعريف وتشجيع وتحقيق تآزر حقيقي بين المنظمات الشعبية والحركات الاجتماعية لإيجاد أرضية مشتركة.

التحديات الاقتصادية

كما أشار المشاركون إلى العديد من التحديات الأخرى، من قبيل سوء فهم التنمية على أنها مجرد نمو اقتصادي، إذ تراه المجتمعات المحلية الشعبية أداة للاستغلال كثيراً ما ترتبط بعمل القطاع الخاص على حساب حقوق الإنسان.

وأشار وفد آخر إلى أن مشاركة المجتمع المدني هي في حد ذاتها علامة على التنمية وتساعد على الحد من أوجه القصور وكشف الفساد، وسلط المشاركون من المجتمع المدني الضوء على حاجتهم إلى التمويل وبناء القدرات والأطر القانونية والإنمائية التمكينية من أجل مشاركتهم الفعالة.

وتركزت المناقشات أيضا على أزمات تغير المناخ والغذاء والجوع، التي تفاقمت بسبب الجائحة، والتي تسببت في نشوب نزاع على استخدام الموارد المتاحة للفلاحين والسيطرة عليها، وبالتالي من المهم ربط الحق في التنمية بحقوق الفلاحين.

وشدد آخرون على أن هناك حاجة أيضاً إلى صلات بقضايا السلام والأمن والتدابير النسرية الانفرادية، كما أشاروا إلى أزمة تعددية الأطراف وصعود الشعبوية، ما يشير إلى الحاجة إلى إصلاح منظومة الأمم المتحدة.

وأكد أعضاء آلية الخبراء أن ضمان الحق في التنمية يعني أن أصحاب الحقوق لهم الحق في تحديد ما تعنيه التنمية بالنسبة لهم وتبديد جميع الشكوك وانعدام اليقين حول كلمة "التنمية".

وتبادل أعضاء آلية الخبراء الآراء مع ممثلين من أقل البلدان نموا بشأن سبل تفعيل الحق في التنمية، وأهمية اعتراف المجتمع الدولي بالدعم الخاص الذي تحتاج إليه هذه البلدان.

وناقش المشاركون العقبات والتحديات التي تواجهها أقل البلدان نموا، ليس فقط تلك الناجمة عن الأزمات الأخيرة المتعددة الأوجه، بما فيها الجائحة، ولكن أيضاً العقبات الهيكلية التي تعترض التنمية المستدامة، مثل نقص الموارد والقدرات الوطنية، والضعف المناخي، والمديونية، ومحدودية إمكانية الوصول إلى أسواق التصدير، ونقص الغذاء والرعاية الصحية والطاقة، والحاجة إلى بيئة دولية تمكينية.

الأمن وحقوق الإنسان

وخلال المناقشات لفت البعض إلى أهمية عدم الخلط بين الأفكار المتعلقة بالتنمية والسلام والأمن، والأفكار المتعلقة بحقوق الإنسان، رغم ترابطهما، إلى جانب معضلة التدابير الاقتصادية القسرية لبناء السلام في إطار المسؤولية عن حماية الأفراد الذين أرهقتهم النزاعات.

وسلط أعضاء فريق المناقشة الضوء على الترابط بين جميع حقوق الإنسان والحاجة إلى آليات لتفعيل هذا الترابط وإبقاء ولايات حفظ السلام ملائمة للحقائق على أرض الواقع، إلى جانب الحاجة إلى الاستثمار في السلام من أجل منع الأسباب الجذرية للنزاع ومعالجتها، وكذا معالجة دور الجهات الفاعلة الدينية والمؤسسات الدينية.

وأشار أعضاء آلية الخبراء إلى القيود الخطيرة المتمثلة في الاعتماد المفرط على الناتج المحلي الإجمالي كمقياس للتقدم والتعاون، والحاجة إلى وضع نتائج الإنجاز والمسؤوليات المتباينة للدول في سياقها على أساس مستوى الموارد المتاحة.

وأكدوا أن حجم الديون السيادية وشروطها يؤثران على قدرة الدول، لا سيما البلدان النامية وأقل البلدان نموا، على إعمال الحق في التنمية إزاء الأفراد والشعوب.

وفي هذا الإطار ناقش الخبير المستقل السابق المعني بآثار الديون الخارجية للدول، وما عليها من التزامات مالية دولية أخرى ذات صلة، في التمتع الكامل بجميع حقوق الإنسان، وخاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والضرر الناجم عن الرسوم الإضافية التي يفرضها صندوق النقد الدولي وعدم فاعليتها، محتجاً بأن هذه الرسوم الإضافية لها سلوك مساير للدورات الاقتصادية ولا تستخدم كآلية لتسريع الدفع، بل لمعاقبة البلدان على حاجتها إلى الديون.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية